الوابلي
الوابلي
-A +A
خالد الجارالله (جدة)
للمرة الثالثة يهل هلال رمضان وأنفاس عبدالرحمن الوابلي لا تجوب سماواته ولا تتمارى مع لياليه، إذ إنه أبرز الحاضرين من الغائبين الذين طبعوا بصمتهم على ذاكرة الشهر الفضيل وترسخوا فيه، حتى لا يجيء رمضان دون أن يؤتى على ذكره أو أن تأتي به أعماله، فالكاتب والسيناريست الذي حطم تابوهات الوجس في طرق القضايا الشائكة بشجاعة، خلد اسمه بصفته من عرابي التنوير في الدراما السعودية الحديثة، فعلى مدار سنوات مضت كان الضلع الثالث والخفي في العمل الشهير طاش ما طاش مع رفيقيه القصبي والسدحان اللذين كانا يدركان قيمة ما يكتب وجرأة ما يطرح فعضدا به مسلسلهما الشهير طاش ما طاش في حقبة مضت، قبل أن يضع القصبي إكليل «العاصوف» على قبر رفيقه الراحل الموسم الماضي في عرضه الأول، ويعاوده هذا العام بجزء أكثر توسعاً وجرأة ليضع إكليلاً آخر يلامس فيه أطراف الحياة مما تركه الكاتب الحذق.

الوابلي، لم يكترث بالفهم السطحي لما يقدمه، ولم يلق بالاً لما يقال عنه وما يتعرض له من هجوم، كان يمضي حيثما يسير به فكره متتبعاً معاناة الناس وهم المجتمع ويتفاعل معه، كان تفكيره حراً ومنطقه قوياً، مضطلعٌ بمسؤولية المعالجة الفكرية والعملية وتصحيح المفاهيم من وجهة نظر ورأي.


الدكتور عبدالرحمن بن محمد يوسف الوابلي ابن مدينة بريدة والحاصل على الدكتوراه في التاريخ من جامعة شمال تكساس الأمريكية، عمل أكاديمياً في كلية الملك خالد العسكرية في الرياض، واشتغل بالكتابة الصحفية والدرامية متمحوراً في طرحه حول تنمية الوعي الوطني والاجتماعي، ومواجهة الفكر الظلامي والتطرف والمناوئين للتعايش السلمي والحياة السوية، كان يجنح في أفكاره إلى البساطة وإلى العمق في مضامينه على نحو استهدف قرع طبول الحرب على التوجس والتردد، مشرعاً أبواب النقد على مصارعها بغية دحض الإقصائية ووأد الانعزالية وتعزيز مفاهيم الحياة.

رحل الوابلي قبل عامين وما زال ذكره حاضراً، ورؤاه تتمدد عبر أعماله والمؤمنين بطرحه وفكره.